ابتكار علماء طريقة مبتكرة لتنشيط أدوية السرطان مباشرة داخل الورم

تفعيل الجهاز المناعي لمواجهة السرطان

يمتاز الجهاز المناعي بقدرته العالية على التكيُّف، حيث يعمل على حماية جسم الإنسان من العدوى والأمراض. يتمتع الجهاز بهذا الدور بفضل ذاكرته المناعية، التي تمكنه من التعرف على الميكروبات التي غزت الجسم في السابق وتحطيمها بسرعة بمجرد دخولها مجددًا. يتكون الجهاز المناعي من شبكة معقدة من الخلايا والأعضاء التي تعمل بانسجام لمحاربة الكائنات الحية الدخيلة. في هذا السياق، طور الباحثون في جامعة كامبريدج تقنية جديدة تهدف إلى تنشيط الجهاز المناعي لمواجهة السرطان، مما يسهم في جعل طرق العلاج أكثر أمانًا وفعالية.

استراتيجيات جديدة لعلاج السرطان

استند البحث الذي أجراه العلماء إلى مسار قوي داخل الخلايا يعرف باسم “STING” (محفز جينات الإنترفيرون). حين يتم تفعيل هذا النظام، فإنه يعمل كجهاز إنذار داخلي، حيث يرسل إشارات إلى الجهاز المناعي للتحضير لشن الهجوم على الخلايا السرطانية. وقد أظهرت الأدوية التي تحفز هذا المسار نتائج مثيرة في علاجات السرطان المناعية. ومع ذلك، فإن هذه العلاجات كانت تتعرض لمشكلة كبيرة تتمثل في إمكانية تحفيزها في الأنسجة السليمة، مما يؤدي إلى آثار جانبية خطيرة.

للتغلب على هذه العقبة، صمم الباحثون نظامًا دوائيًا يتكون من جزئين. هذا النظام يتألف من مكونين غير نشطين لا يفعّلان إلا عند تواجدهما في البيئة الخاصة بالورم. وقد تم إعداد أحد مكونات الدواء ليبقى غير نشط حتى يتفاعل مع إنزيم معين يسمى “β-glucuronidase”، وهو إنزيم موجود بشكل نادر في الأنسجة السليمة فقط. عندما يتم تحرير المكون المعطل بفضل هذا الإنزيم، يتفاعل مع المكون الثاني لتشكيل مركب ينشط مسار “STING”، مما يؤدي لتفعيل الجهاز المناعي بفاعلية محددة في موقع الورم.

وأوضح البروفيسور جونكالو برنارديز، الذي قاد الفريق البحثي، أن النظام يعمل كتوزيع لطردين آمنين في الجسم، حيث لا يتم فتحهما إلا في ظل الظروف الكيميائية الخاصة بالورم. وأثبتت التجارب في المختبر أن كلا المكونين لا يظهران أي نشاط بحد ذاتهما، لكن عند تفاعلهما في ظروف تشبه الورم، يتم إنتاج المركب النشط الذي يحفز مسار “STING” بنجاح حتى بتركيزات منخفضة جداً.